النكلة


كان أبو نوال ستينياً ضريراً يجلس على مقعده على باب محله لتأجير الدراجات، وكان يستخدم عصاه ليعد بها الدراجات على يمينه ويساره، وكان يعرفها ويعرف مقاس كل واحدة بمجرد أن يلمسها بعصاه، كنت أذهب إليه وأستأجر نصف ساعة بقرش صاغ، فكان يتحسس القرش صاغ بأطراف أصابعه وعندما يتأكد من قيمة العملة كان يضرب بعصاه على الدراجة مقاس 24 التى تناسب طولى، ثم يتحسس عقارب ساعته بأصابعه، ويقول لى أن أعود فى موعد محدد فأنظر بدورى إلى ساعة يدى وأنطلق بالدراجة وأعود بعد 30 دقيقة بالتمام حتى اتجنب لسانه السليط، وجدت فى أحد الأيام نكلة، وهى عملة برونزية تشبه القرش الصاغ النحاسى الذى أستأجر به الدراجة، فذهبت بها إلى أبو نوال فتلمسها بأطراف أصبعه ثم نهض فى غضب وأطلق لسانه السليط بالشتائم، ثم رمى النكلة، فتابعتها فى الهواء وحددت مكانها حيث سقطت على الأرض، وفى البيت وضعت سن مسمار بجوار علامة "واحد مليم" ثم طرقت بالشاكوش حتى تشكل ما يشبه الصفر أمامها، ورضيت عما فعلت، لقد أصبحت النكلة تُشبه القرش "عشرة مليمات"، ثم عُدت لأبى نوال وسلمته النكلة فتحسسها ورفع عصاه وطرق بها على الدراجة مقاس 24 فسحبتها وإنطلقت بها، ولم أمنع نفسى من القهقهة وأنا أسابق الريح، ليس لأننى خدعت أبا نوال، ولكن لأننى إكتشفت أنا فظاظته ظاهرية، فهو شديد الطيبة لدرجة التظاهر بأنه أنخدع بالنكلة